16/08/2023 - 16:32

طبعة محدودة | معرض رقميّ

طبعة محدودة | معرض رقميّ

«يافا» (1979) للفنّان سليمان منصور.

 

أطلق الفنّان الفلسطينيّ المعروف سليمان منصور مجموعة من الطبعات المحدودة الموقّعة من أعماله الأيقونيّة، الّتي أنتجها خلال أكثر من نصف قرن في مسيرته المهنيّة، وذلك في معرض «طبعة محدودة» الّذي افتتحه «غاليري زاوية» يوم السبت، 12 آب (أغسطس) 2023. وقد ضمّ المعرض 21 عملًا فنّيًّا موقّعًا من الفنّان تتناول مواضيع مختلفة وتلقي الضوء على محطّات مختلفة في مسيرته الفنّيّة.

 

محطّات أساسيّة في فنّ منصور 

يحتفي المعرض بالفنّان سليمان منصور وفنّه الّذي يروي حكاية من الصمود الفلسطينيّ، والتمسّك بالهويّة، والارتباط الوثيق بالأرض عبر السنين، وذلك بإطلاق مجموعة حصريّة من الطبعات المحدودة الفريدة الموقّعة حصريًّا من الفنّان، والّتي جرى اختيارها بعناية من مجموعة أعماله الّتي أُنْتِجَتْ خلال مسيرته الفنّيّة منذ سبعينات القرن الماضي.

إذ جرى اختيار لوحات تركّز على مجموعة من المواضيع الّتي تعتبر محورًا أساسيًّا في فنّ منصور، في صلبها القدس، والمرأة، والطبيعة، الّتي تزخر بها أعمال منصور؛ من خلال شجر الزيتون والحصاد وقطف البرتقال والقرية الفلسطينيّة. يضمّ المعرض أيضًا نسخًا من مجموعة من الأعمال الّتي أُنْتِجَتْ في الأعوام الأخيرة، والّتي تنظر إلى الحاضر بعين الماضي، مموضعةً القضيّة الفلسطينيّة في قلب تحوّلات الحياة الحديثة، ومؤكّدة على المسافة الكبيرة ما بين زمنين عايشهما الفنّان، والتناقضات ما بينهما. 

من اللوحات في هذا المعرض ما أُنْتِجَ في أوائل مسيرة منصور الفنّيّة في السبعينات، مثل «جمل المحامل» (1974)، ولوحة توأم غير معروفة تحمل عنوان «القدس» (1978)، تظهر فيها امرأة يافعة ترتدي الثوب الفلسطينيّ وتحمل الحمل ذاته الّذي يحمله الرجل العجوز في «جمل المحامل»، ولكن برقبة قويّة مشدودة ورأس مرفوع. لم تَحُزْ هذه اللوحة على الانتباه الّذي حصلت عليه لوحة «جمل المحامل» رغم تشابه الفكرة، مع الفرق بأنّ لوحة «القدس» تُظهر فلسطينيّة شابّة قادرة على تحمّل الحمل الثقيل.

 

المرأة في فنّ منصور 

تظهر المرأة الفلسطينيّة في أعمال منصور في هذا المعرض في سياقات عدّة، وجميعها ترتبط عضويًّا بالأرض، بل هي ذاتها الأرض؛ فهي حينًا تحتضن القدس، وفي حين آخر تحمل المدينة على رأسها، أو تظهر المدينة في خلفيّة صورتها. كما تبدو في جميع الأعمال قويّة راسخة ذات حضور قويّ على المستويين العاطفيّ والنفسيّ.

يظهر الارتباط بالأرض حرفيًّا من خلال المشهد الريفيّ في أعمال منصور، وهو مشهد تتصدّره المرأة؛ فتصوّر إحدى اللوحات امرأة تحمل بين يديها طبقًا من القشّ فيه ثمار الرمّان، وامرأتين تنقلان البرتقال من الحقل، وامرأة تحتضن شجرة سقطت أوراقها في فصل شتاء حقيقيّ، وربّما مجازي، كما تحتضن امرأة أخرى شجرة نصفها زيتون والنصف الثاني برتقال، بينما تقطف امرأة ورجل شجر الزيتون.

ترتدي جميع النساء في لوحات منصور الثوب الفلسطينيّ المطرّز، باختلاف تصاميمه وأنواع القُطَب، فأحيانًا يكون مطرّزًا بالكامل وأحيانًا أخرى يغلّف قليل من التطريز أطراف الثوب. والمتأمّل في التطريز على أثواب النساء، يجد أنّ الفنان وضع وقتًا وجهدًا وبحثًا وذائقة شخصيّة، ليخرج تلك الأثواب الّتي تشبه عرض أزياء للثوب التقليديّ عبر أعماله المختلفة.

 

البعد السياسيّ 

لا يغيب الهمّ الوطني عن أعمال منصور، بل هو محوريّ وأساسيّ، حتّى وإن لم يظهر جليًّا. يشير أحيانًا له الفنّان بالمجاز، من خلال الأرض القاحلة والصحراء مترامية الأطراف وعيون شخوصه. نجد في لوحة امرأة تحمل علمًا فلسطينيًّا على سارية مبالغ في طولها، تمشي بعزم في صحراء قاحلة، بينما تسير جنازة مهيبة يؤمّها حشود كبيرة في لوحة «طقوس تحت الاحتلال» (1989)، حاملة نعش شهيد مغطّى بالعلم الفلسطينيّ وكأنّه صليب كبير يذكّرنا بقصّة صلب المسيح.

يُبْرِزُ الفنّان في بعض الأعمال الحديثة نسبيًّا مجموعة من التناقضات يركّز فيها على سياق غير مبال يحيط بالقضيّة الفلسطينيّة، يسوده عدم الاكتراث. ومن بين هذه الأعمال نرى امرأة ترتدي ثوبًا فلسطينيًّا وتسير في وسط شوارع مدينة تبدو مثل مدينة نيويورك، ببنايات شاهقة متلاصقة وازدحام مروريّ.

تزخر لوحات منصور بالرموز الفلسطينيّة، وكأنّه يوشّح لوحاته بهذه الرموز على شكل تطريز أو برتقال أو زيتون، مانحًا إيّاها طابعًا فلسطينيًّا، ويجد منصور في البرتقال رمزًا فلسطينيًّا يدخله إلى معظم أعماله.

تنشر فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة جزءًا من أعمال المعرض بالتعاون مع «غاليري زاوية».   

 

«سأنجو» (2016).

 

 

«المهاجرة» (2017).

 

 

«القرية تصحو» (1987).

 

 

«جنازة تحت الاحتلال» (1989).

 

 

«البحر لي» (2016).

 

 

«جمل المحامل» (1973).

 

 


 

سليمان منصور

 

 

 

فنّان تشكيليّ فلسطينيّ، وُلِدَ عام 1947 في بيرزيت، فلسطين، وهو واحد من أبرز الفنّانين الفلسطينيّين، ويعدّ أحد مؤسّسي الحركة الفنّيّة في فلسطين. 

 

 

التعليقات